الخميس، 12 نوفمبر 2009

كرة قدم حاكم ومحكوم وغياب عدالة قراءة فى ماهية اللعبة عندالعرب


بقلم محمود الدسوقى
كرة القدم العربية قراءة فى ماهية اللعبة عند العرب 00حاكم ومحكوم وغياب عدالة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أثارت مبارة كرة القدم بين الشقيقين العربيين مصر والجزائر وذلك التأجج الاعلامى واشعال أوزار الحرب الكثير من علامات الاستفهام كان الاستفهام الاول عميقاً كما رصدت مجلة أوان الثقافية عن عسكرة لعبة كرة القدم فى الوطن العربى فى مبارة تقام بين اخويين فى توقيت إحياء زكرى الثورة الجزائرية التى ساهمت بها مصر جمال عبدالناصر بالكثير والذى كبد مصر عدوانا ثلاثياً من 3 دول انجلترا وفرنسا واسرائيل 000 كرة القدم التى اختلف المؤرخون فى بداية نشأتها فبينما يؤكد هيردوت الذى زار مصر عام 460 قبل الميلاد أنه وجد المصريين يصنعون كرة من جلد الماعز أو القش ويركلونها بأقدامهم بين فريقين يسعى كل فريق للوصول الى خط بعرض الملعب ولكن المتفق عليه أن كرة القدم قد نشأت فى انجلترا عام 218 أى منذ اكثر من ألف وسبعمائة سنة 00 كان عسكرة الكرة هى الغاية من وجودها فأهل مدينة دربى الانجليزية لعبا كرة القدم احتفاءً بأنتصارهم على كتيبة رومانية غازية وكان الضجيج الذى تمارسه اللعبة هو الذى أدى الى منعها أكثر من مرة منهم الملك أدوارد الثانى عام 1314 00 السؤال الان لماذا التأجج الذى يغذيه اعلام الدولتين فى كرة قدم بين دولتين عربيتين ؟ هل هذا التأجج له مايبرره ؟ هل روح العصر ومميزاته الان هى الغالبة بعد اختفاء الطبقات الوسطى من غالبية الاوطان العربية ؟ الاجابات تبدوا مثل الاسئلة أحيانا ضرورية خاصة إذا أخذنا فى الاعتبار التطورات التاريخية لكرة القدم العربية فى الاوطان العربية وانسحاب هذه التطوارات الى الظواهر الثقافية والاقتصادية والاجتماعية لتلك الدول فالدول العربية التى صارت ظاهرة كرم القدم وحدها لاغير هى الدليل على الصعود لابناء الطبقات الفقيرة والمحرومة الى السلم الاجتماعى وذلك الصعود ومايتبعه من وجاهة سياسية حيث تحول لاعب كرة القدم الى ممتلك لحصانة سياسية بعد تقاعده ( ظاهرة شوبير اكثر مثالاً على ذلك ) والى اعطاء اللاعب الفرصة فى الحرية الاكثر فى وطنه للتعبير عن نفسه ( زيارات جمال مبارك للملاعب وملاقاته لللاعبين خير مثال على ذلك ) فى هذه الوجاهة الاجتماعية والاقتصادية وايضاً العسكرية حيث يمنح اللاعب فقط راحة واجازة من الجيش هى التى جعلت لكرة القدم العربية اختلافاتها عن غيرها هذا اذا أضفنا بين السطور حضور الرؤساء لنهائيات المسابقات وشعوبهم التى يحكمونها بالفقر وغياب العدالة وايضاً تحت الكوارث حيث الغرقى فى مياة البحر الاحمر فى عبارة السلام اكسبريس فالطفل المصرى الذى شاهد رئيسه يحضر نهائيات كأس الامم الافريقية وشعبه كان غريقاً وفضل مشاهدة ركلات الاقدام عن حضور المأساة هذا الطفل بالتأكيد سيفضل ركل الاقدام وتغذيتها للصعود فى وطن لايعطى فرصة إلا لصاحب موهبة فى اللعبة ولايفضل عليها معارضة مترهلة ضعيفة غير قادرة على الحراك او دفعه للامام من هنا يكون الصراع ضرورياً فهو صراع بين ابناء طوائف عربية مطحونة تلك الطوائف التى تعيش الشتات والهروب من جحيم أوطانها بداية من مصر ونهاية بالكائنين على المحيط الاطلنطى دول شمال افريقيا مثلاً 00 المثر للدهشة أننا لانملك أرشيفاً كاملاً للميديا وصراعها فى مبارة مصر وفلسطين عام 1934م وصعودها للمونديال كأول دولة عربية كى نقيس عليه ذلك السجال الدائر حالياً بين اقدار عربية تتطاحن تحت مظلة الفيفا للوصول الى كأس العالم وهى مظلة افرزت فى التاريخ الحديث كما يقول فرانك تايلور رئيس الاتحاد الدولى للصحافة الرياضية انها قلبت البشر الى حيوانات فى تصرفاتهم بعد خروجهم من ملعب كرة القدم وفريقهم قد منى بخسارة لافرق عندهم ان يكون فريقهم مستحقا للخسارة او غير مستحق وإذا رجعنا لكل ماكتب عن ظاهرة كرة القدم العربية بداية من محمود درويش ومرورا بالشاعر عباس بيضون كما حدد الشاعر والكاتب عمر شبانة ان كرة القدم فرصة مشروعة لمشاعر سيئة بل هى فى الغالب فرصة عظيمة لامور اشد خطورة للوطنية المريضة او العنصرية ولكل العصبيات فهنا تتنفس العصبيات النائمة وتظهر بحرية وسهولة الى الضوء والشمس حيث اننا نعرف انها فينا وان علينا ان نجد فرصة لاخراجها وتحويلها كشكل لعب ) من هنا الوطن العربى الغنى بفسيفساء من الثقافات والنعرات وعدم الوعى تخرج فيه هذه الامور لتشكل ظاهرة يكون تحليلها من وجهة نظرى ان الشعوب المتخلفة فى نظم تعليمها والتى تجعل ميزانية الرياضة وشكل البطل اهم من النظم التعليمية والاكاديمية هى شعوب لابد ان تكتوى بما تخلفه اللعبة من اشكال التهور والعنف والانفصام الاهوج
2
فى تلك الطوائف الفقيرة التى غذاها الفقر بمعتقداته حملت تلك الطوائف ثقافتها للمستطيل الاخضر فإذا كان المنتخب المصرى فى دورة جنوب افريقيا كان يمارس البغاء مع العاهرات فى الحجرات المغلقة الا انه كان يمارس السجود بعد كل هدف يحرزه هذا التناقض الغريب فى سلوكيات الدين هو الذى يبين لنا ظاهرة تفشى الدين الذى ظهر منذ أواخر سبعينات القرن الماضى حين دخل اللاعبين الايرانين فى دورة الارجنتين عام 1978م أرض الملعب تحت القرآن الكريم الذى رفعه طبيب الفريق وتكرر هذا الموقف رغم اقصاؤه فى كل المباريات وحدث هذا الموقف قبل وصول الخمينى للحكم وربما كان هذا مؤشراً خفيفاً على ارتكاز هذه اللعبة الى مؤيدين لثورة دينيه شيعية هذه الطوائف الفقيرة النى انهكتها السياسية تريد الوصول الى الرموز السياسية بإنهاك عضلاتها واثبات ثقافتها الدينية انها هى الاولى للظهور ذلك الظهور الذى اصبح السياسيون انفسهم يستعيرونه من للاعبى كرة القدم فيظهرون انفسهم انهم للاعبين ويعشقون انهاك العضلات فى ارض الملعب وذلك ماتبثه الميديا العربية من صور للسياسين ابرزهم رئيس حماس اسماعيل مشعل والدورات الرمضانية لاعضاء الحزب الوطنى فى مصر وربما تكون غياب العدالة فى العالم العربى هو مايدفع الجماهير الحاشدة الى التكالب على رؤيتها ففى كرة القدم قد ينهزم القوى امام الضعيف ولايستطيع ان يأخذ قراراً من الامم المتحدة لشن الحرب ويكون هاردلك او فرصة ثانية هى الغالبة على قوانين تمنع السرقة والتسلل وتجعل الحرفية والاتقان بديلاً عن الواسطة او المداهنة او الاتكال على المساعدة فى تلك الطوائف الفقيرة تبرز الظواهر الاخرى النادرة حين ينشغل اللاعب بأمر أمته وثقافته فيرفع القميص معلناً تأيده الكامل للقضية ومثال ذلك محمد ابوتريكة اللاعب المشهور الذى رفع فانلته احتجاجا وتضامناً ضد حصار غزة ذلك اللاعب المنحاز نادر الوجود فى محيط لاعبين همهم الاكبر انهاك العضلات وشحن البنوك بالاموال والظهور مع الجميلات الفاتنات على الشاشات فى الاعلانات
3
فى عام 1986 م كتب الشاعر العظيم محمود درويش عن كرة القدم ابان حصار بيروت قائلاً ان كرة القدم هى ساحة التعبير التى يوفرها تواطوء الحاكم والمحكوم فى زنزانة الديمقراطية العربية المهددة بخنق سجائها وسجانيها معا هى فسحة تنفس تتيح للوطن المفتت أن يلتم حول مشترك ما حول إجماع ما حول شىء ما تضبط فيه حدود الاطراف وشروطها مهما تسربت منها ايماءات ذكية ومهما اسقط فيها المشاهد على اللعبة مافيه من المعانى المضغوطة وطن او شكل من تجليات روح وطن يدافع عن كرامته او تفوقه امام الاخر فلا يخسر توزيع القوى الداخلى شيئا من تماسكه الظاهرى المتفرجون يستولون على ادوارهم الغائبة فى السياسة يستحضرونها بإحالتها الى العضلات ومناورات اللاعبين واندفاعهم نحو هدف واحد هو تصويب الهدف والحاكم الذى عين نفسه معبرا عن روح الامة هى نتاج حكمته لانه صاحب الحكمة وراعيها وهو الذى ينفق من ماله الخاص على تشجيع الرياضة ولكن الامر ينقلب على عكسه حين ينهزم الوطن امام اللاعب الاخر عندها يتنصل الحاكم من الهزيمة ويحملها للاجهزة للمدرب لانتكاسة المحاربين اللاعبين ولكن فى كرة القدم يختلف الوضع فى وسع الشارع ان يغضب على اللاعبين وعلى المدرب وعلى الحكم الاجنبى اللاعبون خانوا الامة والمدرب اساء وضع الخطة والحكم منحاز اما الحاكم فهو برىء من الهزيمة لانه مشغول بقضايا اكثر جدية لذلك يرفع الشارع صورة الحاكم عالية وينفذ من تحتها الى حرية التعبير ويومىء الى الداخل كما يشاء هذا ماتبقى لنا من حرية فهل نفرط فيه ؟ وهذا ماتبقى لنا من متعة فلنصفق لما يشير الى العافية الامة فى خير مادامت قادرة على الحماسة كرة القدم تقول لنا ذلك تقول ان العاطفة الجماعية لم تتبلد وان فى مقدور الشارع ان يتحرك بلعبة لاتثير الضجر الم تحتل غلسطين فى مامضى من حاضرنا هذه المكانة العاطفية الحماسية ؟ هنا ينتهى كلام شاعرنا الرائع ولاتنتهى اسئلتنا الاخرى عن مبارة الجزائر ومصر عن وطنيين لهما هزائم سياسية ادت الى نكاسة ثقافية واقتصادية واجتماعية أدت الى شيوع تلك الحرب التى تشبه صعود افرادها نحو ملامسة الحاكم وملامسة تحيته فى حرب أدوها ببراعة والفاشل فى هذه الحرب لايخسر شىء سوى رفع صورة الحاكم عالية والتحرك للشارع والاخذ بفضاء التعبير الذى يعبر عن الديمقراطية العربية المخنوقة وبئس الامة نحن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
مجلة سطور الثقافية المصرية عدد 28 عام 1999م
مجلة الكرمل الفلسطينية عدد 21و22 عام 1986م
الملحق الثقافى لجريدة الخليج الاماراتية عدد 9892عام 2006م

هناك تعليق واحد: